بحثتُ في
صفحات الأيّام الغابرة عن يوم متميّز ليس كسائر الأيّام، يكون خال من
الآلام و فيه شيئ من الإبتسام .. بحثت في صفحات الأيّام الغابرة عن لحظة
فرح تكون قد مرّت بحياتي .. بحثت و أعدت البحث مرارا و تكرارا عسى و لعلّ
أن أعثر على لحظة فرح تكون قد سعِدت بها ذاتي .. و لكن لم أجد غير الآهات
و الحسرات .. لم أجد غير العَبرات تملأ الصّفحات .. فما أظلمك أيّتها
الأيّام و ما أقساك .. !ما أطول لياليك و ما أثقل ساعاتك و ثوانيك ...!
تمرّ فيك اللّحظات كأنّها سنوات، و تمرّ فيك الشّهور كأنّها دهور، فكم
ظلمتيني و تظلميني .. كلّما ظننت أنّي وصلت إلى برّ الأمان، إلى نقطة
البداية تعيديني .. و كلّما حاولت الإنطلاق، إلاّ و تُغلقي الأبواب دوني
.. و كلّما أردت أن أتجدّاك، بسهامك الجارحة ترميني، و بقيدك الدّامي
تلفّيني .. عن الأفراح تبعديني و في بحر الجراح تغرقيني .. ما أنصفتيني
يوما و لا تُنصفيني .. فما أقواك و ما أضعفني، في كلّ مرّة تغتالي الفرحة
في أعماقي قبل أن تولد، و تسرقي بسمتي من بين شفاهي قبل أن توجد .. و رغم
ضعفي و رغم جراحي النّازفة أواصل المسير .. أسير في طريق مبهم .. في نفق
مظلم لا أعلم بدايته من نهايته، تؤنسني فيه الأوهام، و يحتويني فيه
الظّلام .. فغصت في أعماقك أيّتها الأيّام، بحثت عن السّعادة، عن الفرح،
عن الحنان كلّ دلك لم يعُد له مكان.
بحثت عن الإخاء عن الطّهر و
النّقاء .. عن قبس من ضياء أتّخذه نبراسا أهتدي به في الظّلماء، و لكن لم
أجد شيئا يسعدني بل آلاما تقتلني و آهات تمزّقني ..
وجدت نفسي غريبة أعانق الظّلام الكئيب في زمن زادت فيه حيرتي و طالت فيه غربتي ..
حينها عرفت أنّني أحيا في عصر تاهت فيه الفضيلة و حلّت محلّها الرّذيلة،
عرفت أنّني وُجدت في زمن إنعدم فيه المعروف فلم يبقّ منه إلاّ الحروف أمّا
معناه فقد ضاع في دنيا الضّياع ..
و لكن إلى متى تبقى الأحزان تؤنسني؟
إلى متى تبقى الجراح تحضنني؟ و الأفراح تخاصمني؟
لقد فاض كأسي، و غلبني يأسي .. فقد صار يومي يُشبه أمسي..
فمتى تُشرق شمسي و تتبدّد ظلمة نفسي و أنظلق و أحلّق بعيييدا بعيييدا في دنيا الأنسِ؟؟!!!