أسباب انحراف الشباب
السبب المهم انحراف الشباب عن منهج الاسلام الصحيح
.
وأهمية معرفة هذه الأسباب تنبع من أن ذلك يعدّ تمهيداً ومدخلاً لمعالجتها ومكافحتها
والقضاء عليها . ومن بين هذه الأسباب :
1 ـ تراجع دور الأُسرة :
كانت الأسرة
وما تزال حجر الأساس في العملية التربوية ، وإذا كان دورها قد تراجع((1)) في الآونة
الأخيرة ، فلأ نّها هي التي فسحت المجال لغيرها من الوسائل أن تأخذ مكانها ، بدلاً
من أن تكون بمثابة أياد مساعدة لها في دورها الأساس .
«لقد قامت بعض الدول
كالصين والاتحاد السوفيتي (قبل انهياره) بتكوين منظمات معلنة ومؤسسات غير معلنة
لأداء دور الأسرة ليتمكنوا من نقل القيم التي يريدونها هم ، لا الأبوان ، إلى
الأطفال ، وأهم ما استند إليه هؤلاء في الإقدام على عملهم هذا أنّ المربين
ذوي
الخبرة والتجربة ، هم أقدر على نقل هذه القيم إلى الأطفال من الوالدين الذين
تعوزهم التجارب والخبرات وخاصة الأميّين منهم»(2) .
التجربة أثبتت فشل هذه
المحاولات حيث كان للفصل بين الأطفال والوالدين تبعاته الثقيلة وثماره المرّة ،
لكنّ المجتمعات المعاصرة راحت توكل جانباً أو جوانب من دورها المعهود إلى مؤسسات
أخرى قد تكون منافسة لكنّها قطعاً ليست بديلة .
إنّ انشغال الأب أو الأبوين في
العمل خارج المنزل طوال النهار سوف يؤثر على مستوى تربيتهما ومتابعتهما لأبنائهما
وبناتهما ، مما يفتح الباب لدخول الانحراف بلا صعوبات لا سيما إذا كانت خلفيات
الأبناء والبنات هشّة ، أي لم يبذل الوالدان الجهد المطلوب في إعدادهم وتربيتهم
لتحمل مسؤولياتهم ووعيهم لمخاطر الانحراف وآثاره .
العديد من الدراسات الميدانية
التي أجريت على شرائح وعينات من الشبان والفتيات أودعوا السجن بسبب انحرافهم
وجرائمهم ، أثبتت أن انصراف الأبوين أو انشغالهما كان أحد أهمّ ، بل لعلّه أوّل
الأسباب ، التي جعلتهم يصلون إلى ما وصلوا إليه .
إنّ المشاكل التي تعصف بالأسرة
، والنزاع الدائر بين الوالدين وعدم اتفاقهما على كلمة سواء في تربية الأبناء ، أو
ما يشهده البيت من التصدّع المستمر ، يجعل الأبناء إمّا انطوائيين ، وإمّا أن
يهربوا من البيت ليرتموا بأحضان الأصدقاء قليلي التجربة ، وربّما استغلّ هؤلاء
الظروف البيتية التي يعاني منها هذا الشاب وتلك الفتاة لدفعهما في طريق الانحراف
.
أمّا إذا كان الأبوان منفصلين ويعيش الأبناء إمّا تحت رحمة أمّ جديدة ، أو في
اجواء الطلاق النفسية التي تخيِّم بظلالها القاتمة على نفوس الأبناء والبنات ، فإنّ
ذلك يكون دافعاً آخر إلى الانحراف لانعدام الرعاية والمراقبة ، والحرمان من العطف
والحنان والتوجيه السليم .