من كتاب ابن القيم:عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين،بتحقيق:محمد عبد القادر الفاضلي.
الباب الخامس عشر.
قال الإمام أحمد رحمه الله:"ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعا".ونحن نذكر الأنواع التي سيق فيها الصبر وهي عدة أنواع:
أحدها:الأمر به كقوله:"واصبر وما صبرك إلا بالله" النحل127
"واصبر لحكم ربك"الطور48
الثاني:النهي عما يضاده كقوله:"ولاتستعجل لهم" الأحقاف35
وقوله:"ولاتهنوا ولاتحزنوا"آل عمران139 وقوله" ولاتكن كصاحب الحوت"القلم48 .وبالجملةفكل مانهى عنه فإنه يضاد الصبر المأمور به.
الثالث:تعليق الفلاح به كقوله:"ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"آل عمران200 فعلق الفلاح بمجموع هذه الأمور.
الرابع:الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيرهم كقوله:"أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا"القصص54 وقوله:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"الزمر10
قال سليمان بن القاسم:"كل عمل يعرف ثوابه إلا الصبر" قال الله
تعالى:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب" قال:كالماء المنهمر.
الخامس:تعليق الإمامة في الدين به وباليقين،قال الله تعالى:"وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون"السجدة24 فبالصبرواليقين تنال الإمامة في الدين.
السادس:ظفرهم بمعية الله سبحانه لهم ،قال تعالى:"إن الله مع الصابرين"البقرة153 قال أبو علي الدقاق:"فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله معيته".
السابع:أنه جمع للصابرين ثلاثة أمور لم يجمعها لغيرهم وهي الصلاة منه عليهم،ورحمته لهم،وهدايته إياهم،قال تعالى:"وبشر الصابرين.الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون.أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"البقرة155_157 وقال بعض السلف وقد عزي على مصيبة نالته فقال:مالي لاأصبر،وقد وعدني الله على الصبر ثلاث خصال كل خصلة منها خير من الدنيا وماعليها.