بكاء
الولد إن لم يكن مبالغا فيه هو أمر عادي تماما ولا يدعو أبدا إلى أي قلق ,
بل يمكن أن يكون ظاهرة صحية تدل على أن الولد عادي وسليم وصحيح لأنه يحزن
ويفرح ويتألم و ... وكلها من علامة الصحة والسلامة والأمان .
2-
حتى وإن كان الحزن أمرا لا يحبه لنفسه أي إنسان ( دنيا أو آخرة ) , ومع
ذلك فيجب أن نعترف بأن الحزن – في الدنيا - في موضع الحزن والفرح في الظرف
المناسب هما علامتان صحيتان لا مرضيتان . وأما إذا فرح الشخص في وقت الحزن
أو حزن في وقت الفرح , أو كان لا يتأثر أصلا لا بما يُـحزن ولا بما يُـفرح
فإذن ذلك سيكون دليلا على مرض عند الشخص يحتاج إلى علاج قد يطول زمنه وقد
يقصر .
3- لا يجوز للوالدين أن يخضعا للولد دوما من أجل أن يتوقف عن البكاء , حتى ولو كانت نيتهما حسنة :
ا-
لأن الولد سيفسدُ أدبيا وخلقيا – بكثرة التدليل - بكل تأكيد , وسيطلب بذلك
– دوما المزيد- , وسيطلب من الوالدين ما هو مستساغ طلبه وما ليس مستساغا
طلبه .
ب- لأن البكاء البسيط لن يضر الولد أبدا , على خلاف ما يظن الكثير من الآباء والأمهات
جـ-
لأنه من تمام التربية السليمة للولد أن يُـعلمه الوالدان أنه لا يمكن أن
يحصل في الحياة على كل شيء ( وحتى الأنبياء لم يحقق الله لهم كل ما يريدون
في الحياة الدنيا ) , وأنه ليس من مصلحة الوالدين أن يلبيا له كل رغباته
بلا استثناء حتى ولو قدرا على ذلك .
4-
ضرب الأولاد هو خلاف الأولى كوسيلة تربية , ومع ذلك يبقى وسيلة لا بد منها
من باب آخر الدواء الكي . وهناك ولد يصلح معه أسلوب وولد يصلح معه أسلوب
آخر , وولد لا يصلح معه إلا الضرب كوسيلة تأديب وإصلاح أخيرة لابد منها ,
لا كوسيلة انتقام وتشفي بطبيعة الحال .
5- قول الولد " ساعة ونصف بكاء أمام والدي , ونصف ساعة أمام أمي
" فيه جانب من الصدق لأن المرأة عموما متساهلة مع الولد أكثر بحكم قوة
عاطفتها والرجل – في المقابل - متشدد مع الولد أكثر بحكم قوة عقله ,
والولد يحتاج من أجل سلامة تربيته إلى أم متساهلة وأب متشدد , بشرط أن
يبقى كل من التساهل والتشدد في إطاره الوسط والمعتدل والمقبول والمستساغ .
وتشدد الأب وتساهل الأم مكملان لبعضهما البعض , ولا يصلح أبدا أن نقول بأن
هذا أفضل من ذاك , كما لا يليق أبدا أن يكون هذا بديلا عن ذاك .
6-
عند النساء دموع تماسيح تستعملها بعض النساء لبعض الوقت , لغرض أو لآخر .
وكذلك فإن للأطفال ( ذكورا أو إناثا ) دموع تماسيح كذلك , يستعملها
الأولاد كوسيلة ضغط على الوالدين من أجل تلبية رغباتهم أكثر ومن أجل
التساهل معهم أكثر .
والله وحده أعلم بالصواب .