المرأة تريد من الرجل أن يكون زوجا وأما , أكثر مما تريده أن يكون زوجا وأبا :
ومعنى
ذلك أن حاجتها بشكل خاص وحاجة الإنسان - أي إنسان- بشكل عام إلى الحنان
أكثر من حاجتها إلى غيره. إن هذه الحقيقة لا تأتي من فراغ وإنما هي قائمة
على الملاحظات المستمرة ومتابعة العديد من المرضى الذين يعانون- نفسيا-
بسبب تجاهل الآخرين لهم وإهمالهم للمتطلبات الإنسانية لديهم . والشعور بأن
هناك من يهتم ويحرص ويتفاعل مع احتياجاتنا النفسية هو الذي يمكن أن نسميه
" الحنان ". ومعنى ما ذكر كذلك هو أن من يتعامل مع المرأة من منطلق
إشعارها بالحنان هو الذي ينجح في فهمها ويستطيع أن يخرج منها أفضل صفاتها
، وهو بهذا سينعم بكل ما تستطيع أن تعطيه المرأة بعد ذلك من اهتمام ورعاية
. إن المرأة عطاء بلا حدود بشرط أن نفهمها.
إن المرأة عندما تذرف الدمع تريد أن تشعر بأن هناك من يستقبل هذه الدموع
ويتأثر بها ويسأل عن سببها , والأهم من ذلك هي تريد ألا يستخف بها أو يقلل
من أهميتها ( مع ملاحظة أن بعض دموع المرأة لا يجوز أن تقابل من الرجل إلا
بالإهمال واللامبالاة إذا نزلت بغرض إخضاع الرجل وإذلاله وإسكاته والسيطرة
عليه و...) .
إن
المرأة عندما تشعر بالضيق والاكتئاب تريد أن تجد من يهتم بالاستماع إليها
بصدق ولا تريد من يوهمها بالإنصات وهو في الحقيقة لا يستمع إليها بكل
جوارحه . إنها تريد أن تشعر من خلال نظرات زوجها – خاصة - بأنه يفهمها
بدون أن تتكلم ويحس بها بدون أن تتأوه . هي تريد أن يبين لها رغبته في حل
مشاكلها حتى وإن لم ينجح في ذلك , وهذا هو الحنان . إن ما يهم المرأة هو
الشعور بالاهتمام من طرف من تعيش معه ، وهي لن تكتفي ولن تكف عن الاحتياج
والمطالبة للحصول على هذا الاهتمام لأنه غذاؤها النفسي واليومي . وإن لم
تحصل عليه فستصاب بالاكتئاب والعصبية الزائدة والنرفزة لأقل شيء , ولن
تسامح أو تغفر لزوجها عدم إدراكه لاحتياجاتها النفسية ، وسينعكس ذلك سلباً
على جميع أفراد الأسرة . إن المرأة تريد من زوجها الحنان وتتمناه بدون أن
تطلب ذلك منه بطريقة مباشرة , لذا سوف تستـفز المرأة زوجها وتثير غضبه
بطرق متعددة حتى يستطيع أن يدرك من تلقاء نفسه ما تهدف إليه من حاجة إلى
الاهتمام والحنان . وإن لم يفهم الزوج هذه الرسالة التي تقول ببساطة : "
إني أحتاج إلى اهتمامك بي " يكون قد وضع أول حجر في تدهور العلاقة الزوجية
، وسوف تمر الأيام وهو لا يعي ما الذي حدث ، ولماذا تسيء زوجته معاملته ،
ولماذا تقصد إثارته وعدم تلبية ما يرضيه برغم بساطة ما يطلب؟! . والسبب
أنها تريده أن يعطيها الحنان والاهتمام أولاً. وقد ينتهي المطاف بالزوجين
إلى استشارة طبيب نفسي ، ويكون الدافع خلافات زوجية عديدة أدت إلى إصابة
كل منهما بالقلق والاكتئاب ، وغالباً ما ينعكس هذا على أبنائهم .
إن
المرأة تريد أن تأخذ أولاً حتى تشعر بالاطمئنان والأمان ، وبعد ذلك فإن
عطاءها سيكون بلا حدود ، وستـتـفانى في إرضاء وإسعاد زوجها بإذن الله .